مطلوب محررين للموسوعات متطوعين

الثلاثاء، 10 يناير 2017

من ذكريات اغنية ( الاطلال)


كتب / عبد الرازق طاهر الخطيب

*حفل الخميس الأول من الشهر ـ وبالتحديد يوم‏6‏ ابريل عام‏1966‏ ــ انطلقت عبر الاثير رائعة ناجي والسنباطي الاطلال بصوت كوكب الشرق ام كلثوم ليستمع اليها الشعب العربي بعد انتظار طال ثلاث سنوات اعتكف خلالها السنباطي متفرغا لتلحين قصيدة الاطلال وهي الفترة التي دخل فيها عبد الوهاب برائعته أنت عمري وتألقت ايضا الحان بليغ حمدي والطويل والموجي وسيد مكاوي لأم كلثوم والكل كانوا كتيبة واحدة تنافست وابدعت أجمل ما سمعته الأمة العربية من أغنيات وقصائد‏,‏ كانت تجمع حولها ملايين المستمعين العرب في الخميس الأول من كل شهر يستمعون عبر الاثير إلي هذه العبقرية الفذة المبهرة في تاريخ الغناء . ‏*‏ فبعد الاتفاق النهائي علي ابيات قصيدة الاطلال وانتهاء السنباطي أيضا من تلحينها جاء موعد بروفات القصيدة مع فرقة ام كلثوم ظهر خلالها مدي اعجاب وانبهار الموسيقيين باللحن وفي مقدمة هؤلاء عازف القانون الاول محمد عبده صالح وعازف الكمان الاول احمد الحفناوي‏,‏ وكان من المعروف ان تتدرب الفرقة علي اللحن في البداية وبعد الانتهاء من حفظه يطلب السنباطي من أم كلثوم الحضور للغناء مع الفرقة‏,‏ وقد تم هذا بالفعل‏,‏ فقد حضرت ام كلثوم وبدأت تستمع إلي مقدمة اللحن وانتقلت بعد ذلك إلي الكوبليهات‏, ‏وهي في قمة انبهارها وجاء الكوبليه الأخير لتحدث بعض المناقشات حول لفظ إن الحظ شاء وانتهي النقاش إلي الابقاء عليه دون تغيير‏.‏ ‏*‏ واندمجت أم كلثوم مع القطع الأخير شعرا ولحنا وتألقت في الجزء الذي يقول فإذا أنكر خل خله‏,‏ وتلاقينا لقاء الغرباء‏,‏ ومضي كل إلي غايته‏,‏ لا تقل شئنا فإن الحظ شاء وكان من رأي أم كلثوم ان القفلة من الطبقة العالية وتتصاعد في الارتفاع الذي يمكن ان يخيفها وقد علمت انها قالت للسنباطي في مداعبة ذكية انت قادر تعمل‏20‏ قفلة كل واحدة احسن من التانية ولكن رياض تمسك برأيه وقال لها في مداعبة ايضا هي دي القفلة يا ست‏.‏ . ‏*‏ ومع هذا الاصرار ــ وبالثقة البالغة في النفس ــ قال السنباطي لأم كلثوم توكلي علي الله وغني الأغنية بهذه القفلة وسيكون الحكم بيننا للجمهور‏,‏ ومع ثقة أم كلثوم في السنباطي وثقته في امكانيتها الصوتية الهائلة وافقت علي ذلك وهي تبتسم وجاء موعد الحفل وغنت ام كلثوم وعندما جاءت فقرة لا تقل شئنا فإن الحظ شاء التهبت الصالة واشتعلت بالتصفيق المدوي والمتواصل الذي لم يحدث له مثيل لأم كلثوم وهاجت الصالة وماجت تطلب الاعادة مرة ومرة وهنا سالت دموع أم كلثوم من الفرحة الغامرة وانتهت الاغنية وخرجت أم كلثوم من المسرح تحيط بسيارتها كل هذه الحشود الهائلة من المعجبين والمتيمين بفنها الاصيل والمبهورين بأطلالها الجديدة وعندما أخذ سائقها الخاص ــ عبد الحميد ـ طريقه متجها إلي فيلتها بالزمالك طلبت منه تغيير الاتجاه فسألها إلي أين يا ست فقالت له وديني بيت السنباطي فيلا راوية‏8‏ شارع الفلكي بمصر الجديدة‏,‏ وعندما وصلت إلي الفيلا ودقت جرس الباب كان السنباطي يجلس مع اسرته حول جهاز التسجيل يعيد الاستماع الي الحفل متسائلا من الذي سيأتي في هذا الوقت المتأخر من الليل وفتحت زوجة السنباطي رحمها الله الباب لتجد أمامها أم كلثوم فيهرع السنباطي وكل الاسرة لاستقبالها بحفاوه بالغة وتعانقت احضان العملاقين الكبيرين ام كلثوم والسنباطي في لحظة من أجمل لحظات العمر فرحين بهذا النجاح المدوي للأطلال التي وصفها الكاتب الكبير موسي صبري رحمه الله في مقاله بعد الحفل بأنها عصا موسي التي ابتلعت كل الأغاني‏.‏

هناك تعليق واحد: